السبت، ٥ أبريل ٢٠٠٨

علوم الاسلام الدفينة


الجمعة، ٤ أبريل ٢٠٠٨

بنى الاسلام على خمس

أخرج الإمام البخارى والإمام مسلم فى صحيحيهما عن أبي عبد الرحمن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ، شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّه، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ“.

أفاد هذا الحديث العظيم أن الإسلام ينبني على تلك الأسس ويقوم عليها، فلا عبرة بإسلام من أنكرها أو أنكر جزءأً منها، ثم إن هذه القواعد نفسها تستمد وجودها وتستبقى كيانها بمدى متانة القاعدة الأولى: الشهادتين.

وللأسف فإن بعض الناس إذا سألته هل أنت مسلم؟ يقول لك الحمد لله أنا أصلي!!!

فهذا قد بني الإسلام فى نفسه على ركن الصلاة فقط.

وبعض الناس إذا قلت له اتق الله، قال لك: أنا حجيت 3 مرات!!!

فهذا قد بني الإسلام عنده على ركن الحج فقط.

وبعض النساء إذا قلت لهن اتقين الله فى هيئتك وملبسك، قالت لك: الحمد لله أنا لا أؤذى أحداً!!!

فهذه قد بني الإسلام عندها على عدم إيذاء الخلق (حسن الخُلُق).

ورابع إذا قلت له: هذا لا يرضى الله يا شيخ! نظر إليك من أسفل إلى أعلى دون أن يرد ولسان حاله يقول: ألا ترى هذه اللحية فى وجهى وهذا السواك فى يدى!!!

فهذا قد بني الإسلام عنده على اللحية والسواك.

وهذه قد بني الإسلام عندها على النقاب والقفاز.

وهذا قد بني الإسلام عنده على صوم رمضان.

وآخر قد بني الإسلام عنده على أداءِ عَمَلِهِ بجدية وانضباط (قائلاً إن العمل عبادة).

وآخر...... وأخرى......

والسؤال الآن:

من حقيقى بني الإسلام عنده على الخمس التى ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم؟

ينبغي أن نعلم أولا أن المراد بالإسلام فى هذا السياق إنما هو الدين كله، وينبغي أن نعلم أيضاً أن الإسلام قد اعتبر الصلاة والتي هي عبادة بدنية قاعدة، وكذلك الزكاة والتي هى عبادة مالية قاعدة أخرى، وكذلك الحج والذى هو مركب منهما قاعدة من قواعد الإسلام الجليلة، وهذا الاعتبار يدل بجلاء ووضوح على أن هذا الدين لا يكتمل بنيانه إلا باجتماع قواعده.

ونقول هذا الكلام لمن يحلو له سياسة "تبعيض الدين"، فبعض الناس كما ذكرنا –مثلاً– يدعي أنه يستعيض عن قواعد الإسلام بالصلاة فهو هادم للدين، مقوض لأسسه بلا عذر، متهاون متلاعب، ولا تقوم صلاته مقام الصوم والزكاة إن ملك نصابها، أو مقام الحج إن استطاع إليه سبيلاً.

إن ديننا متكامل لا يتجزأ ومن أجل هذا عاب القرآن على المبعضين المجزئين فقال تعالى:

﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾.

ويقول عز وجل منادياً على أهل الإيمان كافةً:

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾.

فينبغى ألا ننخدع بمن يحرصون على أداء شعائر صلاة الجمعة وصلاة العيدين ويتركون مثلاً الزكاة للمبادرات الشخصية والقناعات الفردية، فى حين تجيش جيوش الضريبة برأً وجواً وبحراً وإعلاناً وإعلاماً وصخباً وضجيجاً!!!

رضي الله عن الصديق والذى قال: «والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة».

ياليتنا نسوق حملة إعلامية فى أوساط المسلمين لنحفزهم على أداء الزكاة، حملة فى بيوتنا، فى أسواقنا، فى مساجدنا، فى متاجرنا......إلخ.

إن دعوة الإسلام واضحة وأركانه محددة وصريحة لا تحتمل أى التباس أو غموض ولا خفاء فيها ولا تعقيدات.

ياليتنا نسوق حملة لإقامة الصلاة ......ونسأل أنفسنا: هل الصلاة مقامة فى بيوتنا أم أنها مؤداة؟

وهناك فرق بين أداء الصلاة وإقامتها، ونحن نتحدث بالطبع عمن يصلون، أما من ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ﴾ فهولاء نسأل الله لهم الهداية والرشاد.

ياليتنا نرغب الناس فى السفر للحج والعمرة، فالناس –إلا من رحم ربى– يرغبون فى السفر إلى شرم شتاءاً وإلى الساحل صيفاً، فهل ياترى هؤلاء الذين يحجون فى رحلتى الشتاء والصيف -لا يستطيعون- حج البيت الحرام؟؟

أما عن الصيام –الركن الركين– من أركان هذا الدين فياليتنا نتعامل معه على أنه فرصة للنجاة......للعتق...... وليس فرصة للولائم والحلويات والأطعمة والأشربة والسهرات والخيم الرمضانية والشيشة الفلانية......إلخ.

وختاماً فإنى أرجو أن نعيد النظر فى أصل بناء هذا الدين فى قلوبنا، ونرى هل تم بناءه بناءاً راسخاً على قواعده الخمس أم أن هناك خلل فى البناء ؟؟

نسأل الله تبارك وتعالى ثبات بناء الإسلام فى قلوبنا

بقلم فضيلة الشيخ مهاب عثمان

Google